الأوقاف.. شراكة تنموية وأثر مستدام

175915001583660والعَالَم المتطور يحتفي اليومَ بـ(الأوقاف واستثماراتها)، وإن اختلفت المسميا_20250929_154609_0000

الأوقاف.. شراكة تنموية وأثر مستدام

 

يعد القطاع الثالث بما يوفره من خدمات اجتماعية كثيرة وبتمويله لشبكة واسعة من المؤسسات الخدمية في مجالات حيوية عدة، كالتعليم والصحة والثقافة والبيئة والأسرة، والمنافع العامة داعم أساسي ومباشر في التنمية المستديمة، غير أن تحقيق التنمية المستدامة لا يتم ما لم تنسجم التطورات السكانية مع الإمكانات الإنتاجية وفقاً لما يخدم مصلحة البيئة ويحافظ عليها.

 

وقد بات القطاع الثالث (غير الربحي) في المملكة العربية السعودية قطاعا مؤثرا في دفع عجلة التنمية؛ وأصبح يشغل فكر الكثير من الشرائح لانتشار ثقافة الوقف في المجتمع السعودي، حيث ان الوقف هو أحد أشكال المسؤولية الاجتماعية التي تتقدم باتجاه الممارسة المؤسسية، و الحاجة الى الدراسات الشرعية و القانونية.

 

ولو أمعنا النظر إلى البدايات العظيمة لنشأة الأوقاف فإننا نجد أنها انطلقت من أعظم مكان وهو المسجد، وهو أول مقر لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتعليمهم، فكان مسجد قباء أول نتاج عمل وقفي اشترك في بنائه وتأسيسه النبي وأصحابه، ليكون أول وقف في الإسلام، ومن ذلك الوقت امتدت ثقافة الأوقاف إلى وقتنا الحالي، ومنذ ذلك الوقت انطلقت الأوقاف كإسهام مجتمعي أساسه التكافل وهدفه التنمية للمجتمعات، وتنتشر بشكل واسع لدعم المجتمع الإنساني في تحقيق قفزات تنموية هائلة بين أطيافه المختلفة، حتى أصبحت اليوم أساساً داعماً للحضارة الإسلامية والقطاع الثالث.

 

 

تفيض كتب التاريخ بصور متعددة للمشاركة المجتمعية في التاريخ الإسلامي، وعن قوة أواصر التكافل المجتمعي في الإسلام، وتعد الأوقاف من أهمِّ هذه المشاركات التي أسهمت في تعزيز موارد الدولة وأسهمت في التكافل المجتمعي، وهي تعتبر من أبرز الموارد الاقتصادية في التاريخ الإسلامي التي تناولتها المصادر التاريخية؛ وكان رسول الله أوَّل من أوقف في الإسلام، ثم تبعه الصحابة ابتغاء وجه الله عزَّ وجلّ ورضوانه، ثم سارت الأمم الإسلاميَّة على نهجه، ومع مرور العصور برزت القيمة المضافة للأوقاف وانعكاسها على نمو المجتمعات؛ إذ إنها أسهمت بشكل فاعل في معالجة القضايا المجتمعية والاقتصادية والحيوية التي واجهتها الأُمم الإسلامية وأسهمت بشكل فاعل في نمو المجتمعات وازدهارها، وهي تعد من مؤسسات قطاع التكافل المجتمعي التي تعنى في العمل الخيري التطوعي في الاقتصاد الإسلامي بل تعد من أبرزها وأهمها، وما يميزها هي أنها ذات طبيعة مستدامة، وتأتي استدامتها من تجديد مواردها بانتظام وتنظيم تلك الموارد وحفظ حقوقها وقانونيتها وتوثيقها، حيث تسهم الأوقاف في تحقيق الغايات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتعزيز التكافل الاجتماعي ضمان ركائز التنمية الشاملة المستديمة للمجتمعات..

 

 

إن الأدوار التي يقوم بها القطاع الثالث على المستوى العالمي نجد أنها تنطبق على الأدوار التي تقوم بها مؤسسات الوقف والزكاة في الاقتصادات الإسلامية، ومما سبق استهدفت رؤية المملكة العربية السعودية (2030) في إطار سعيها إلى تحقيق التنمية المستدامة للمملكة تطوير وتعزيز دور الأوقاف الإسلامية من خلال زيادة مساهمة القطاع غير الربحي في جهود التنمية في المملكة حيث تطمح رؤية المملكة المباركة بحلول عام 2030 إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي من أقل من (1) إلى (5 %) والوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي، كما تستهدف رؤية المملكة (2030) إلى تعظيم الأثر الاجتماعي للقطاع غير الربحي، وتمكين الأوقاف إلى التحول نحو المؤسسية، وتهدف كل هذه الجهود الخيرة إلى تكامل الأوقاف كمكون رئيس من مكونات القطاع غير الربحي في دوره مع كل من القطاع الحكومي والخاص في بناء الوطن السعودي العزيز، بل إن العملية التنموية المتوخاة من الأوقاف والزكاة تتسم في أغلب حالاتها بالديمومة والاستمرار، إذ تتفوق مؤسسات الأوقاف والزكاة على موارد التمويل الأخرى بأنها تمثل مورداً منتظماً يفي باحتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بدرجة كبيرة، وتنمية الرأس المال البشري حيث تمارس المؤسسات الوقفية الحديثة دورها في معالجة الفقر وتخفيف حدته وإنعاش سوق العمل وتوفير فرص العمل.

 

وقـد رسـمت الهيئـة العامـة للأوقاف توجهاتهـا المسـتقبلية التـي سـتعمل علــى تحقيقهــا خــلال الخمــس ســنوات المقبلــة عبــر خمــس ركائــز اســتراتيجية، اشــتملت علــى تطويــر الأنظمة وحوكمة قطــاع الأوقاف، وتنويــع مصــادر الدخـل، والعمـل علـى تطويـر المصـارف، وتعزيـز التميـز المؤسسـي، والارتقاء بقطـاع الأوقاف وتنميتـه فـي كل المجالات وتمكينـه وتنميته وتعظيـم أثـره.

والعَالَم المتطور يحتفي اليومَ بـ(الأوقاف واستثماراتها)، وإن اختلفت المسميات، التي منها (القطاع الثالث)، باعتباره مُكمِّلاً وداعمًا للقطاعين الحكومي والخاص، فـ(90%) من جامعات الغرب تعتمد في مصروفاتها على (الأوقاف)، فمثلاً وقْف (جامعة هَارفرد) تتجاوز قيمته الـ(40 مليار دولار).

 

وقد جاء الأمر بإنشاء (هيئة خاصة ومستقلة بالوقف) عام 1431هـ، لِتَصْدُرَ أنظمتها وسياساتها التفصيلية سنة 1437هـ، والتي تهدف إلى تنظيم الأوقاف، والمحافظة عليها، وتطويرها، وتنميتها، بما يُحقِّق شروط واقفيها، ويُعزِّز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية والأنظمة.

 

ونجد أن التجربة الإسلامية للأوقاف وما حققته من تنمية اجتماعية مستديمة تجربة رائدة وناجحة لا بد من تطويرها والاستفادة منها من خلال الإصلاح والتطوير الإداري لإدارات القطاع الوقفي حيث تعد مطلباً ملحاً للوقف وللمجتمع والدولة وللاقتصاد الوطني، وذلك من أجل إعادة الثقة إلى الوقف والنهوض بدوره في المشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومن أجل التناغم والتوافق مع توجهات وبرامج وخطط رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وكذلك ضرورة العمل على أحياء هذه الأوقاف التاريخية والأثرية وتجديدها لضمان جريان أجرها لمن أوقفها، وللحفاظ على هذا الإرث التاريخي الحضاري الذي تميزت به هذه المجتمعات وضرورة توسيع صيغ الاستثمار الوقفي بما يتناسب وتطور صيغ التمويل الإسلامي.

 

 

 

 

 

مقالات اخرى

173058794012796WhatsApp Image 2024-10-31 at 14

ما هى المبادرات والمشاريع التنموية

اقرأ أكثر
173058795339043WhatsApp Image 2024-10-31 at 14

العلامة التجارية

اقرأ أكثر
173058774239562WhatsApp Image 2024-10-31 at 15

إدارة وتخطيط جمع التبرعات

اقرأ أكثر

اشترك ليصلك كل جديد

logo-white

المناسب للخدمات التسويقية